الأحد، 14 أبريل 2013


 مرجعية المغرب الدولية الخاصة بحقوق الطفل
 لقد صادق المغرب على مجموعة من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الطفل، و لعل من أهم هذه المواثيق اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نونبر 1989[1]، و الاتفاقية 182 الدولية بشأن السن الأدنى لقبول الأطفال في العمل، و كذا مجموعة من البروتوكولات كالبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل المتعلقة بإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة و كذا البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال و استغلال الأطفال و بغاء الأطفال و التصوير الخلاعي.
  و أمام كثرة هذه المواثيق والعهود، سنحاول التركيز على بعض ما جاء في اتفاقية حقوق الطفل[2] باعتبارها أهم هذه الاتفاقيات على الإطلاق و نظرا لكونها جاءت زاخرة بعدد لا يستهان به من المبادئ و الحقوق و إحاطتها بضمانات تلتزم بها الدول الأعضاء، و لعل أهمها هو مراعاة المصلحة الفضلى للطفل في كافة التدابير و التشريعات التي تتخذها الدول.
  و قد أعطت هذه الاتفاقية تعريفا دوليا للطفل من خلال مادتها الأولى فاعتبرته كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه.
  و لعل من أهم الحقوق التي خولتها الاتفاقية للطفل هي تلك المتعلقة بحماية حقه في الأسرة من خلال مجموعة من المواد، فعملت على حماية وحدة الأسرة من خلال نصها في المادة 9 على عدم فصل الطفل عن والديه على كره منهما إلا عندما تقرر السلطات المختصة ذلك،مع ضمان، في هذه الحالة، حق الطفل في الاحتفاظ بعلاقات شخصية و اتصالات مباشرة بكلا والديه إلا إذا تعارض ذلك مع مصالحه. و هكذا تنصرف بوادر حماية وحدة الأسرة إلى :
- عدم فصل الطفل عن بيئته العائلية.
- حماية وحدة الأسرة حتى في حالة الفصل الشرعي للطفل عن والديه، و ذلك بتقوية أواصر العلاقات الشخصية، و الاتصالات المباشرة التي تربط الطفل بوالديه.[3]
  كما عملت الاتفاقية من خلال مادتها العاشرة على إلزام الدول الأطراف بجمع شمل الأسرة، و النظر بشكل إيجابي و سريع، في الطلبات التي يقدمها الطفل أو والداه لدخول الدول المعنية أو مغادرتها، بقصد جمع شمل الأسرة.
  كما عملت الاتفاقية على محاولة حماية حق الطفل في جو عائلي مناسب نظرا لضرورة  و أهمية هذا المناخ الأسري الذي يساعد الطفل على تكوين شخصيته تكوينا سليما، وهكذا فقد جاء في ديباجة الاتفاقية:" و إذ تقر بأن الطفل، كي تترعرع شخصيته ترعرعا كاملا   و متناسقا، ينبغي أن ينشأ في بيئة عائلية في جو من السعادة و المحبة و التفاهم"، كما حثت المادة 5 الدول الأطراف على احترام مسؤوليات و حقوق وواجبات الوالدين، أو عند الاقتضاء، أعضاء الأسرة الموسعة...في أن يوفروا للطفل التوجيه و الإرشاد الملائمين عند ممارسته لحقوقه. وغيرها من المواد التي تحاول ضمان، و بأكبر قدر ممكن، مناخا عائليا مناسبا للطفل.
  كما حرصت الاتفاقية على حماية الأطفال من سوء المعاملة، سواء تعلق الأمر بالإساءة البدنية و الإهمال داخل الأسرة(المادة19)، أوتعلق بالاستغلال و الانتهاك الجنسي للأطفال  ( المادة34)، هذا بالإضافة إلى العديد من الحقوق الواردة بين ثنايا هذه الاتفاقية، وكذا البروتوكول الإضافي الملحق بها.
  و هكذا يتضح أن حقوق الطفل أضحت من المواضيع التي تكتسي أهمية في السنوات الأخيرة و خاصة أمام الوعي المتنامي بخصوصية الطفل و حاجته للرعاية و الحماية من جهة، و من جهة أخرى باعتباره من أهم المجالات التي يمكن الاستثمار فيها من أجل تنمية و رفاهية البشرية، لذلك أصبح لزاما للنهوض بهذا المجال، تقصي كل عوامل النقص       و الضعف، و بالتالي حماية المصالح الفضلى للطفل، و تكريسها كهدف للسياسة التشريعية[4]،و هذا ما سعى إليه المشرع من خلال إقراره لهذه الحقوق في مدونة الأسرة    و فروع أخرى من القانون الداخلي.
   لكن، و على الرغم من أهمية هذه النصوص الدولية، و التي تعتبر مرجعية كونية هامة لحقوق المرأة و الطفل، بل لحقوق الأسرة برمتها، فإنه مع ذلك، و بسبب مساس بعض مقتضياتها بالخصوصية الوطنية، و بوجه أدق المرجعية الدينية للقانون الوطني المتمثل بشكل أساسي في مدونة الأسرة،  تظل بعض تلك المبادئ عرضة للرفض من الطرف المغربي و تحت رحمة آلية التحفظات


 إن حماية الطفل قد تبلورت دوليا و خرجت إلى الوجود فعليا سنة 1919 حين شكلت عصبة الأمم آنذاك لجنة خاصة [1]
برفاهية الطفل، كما نشأت في أوربا عدة هيئات غير حكومية مهتمة بالطفولة منها الاتحاد الدولي لإنقاد الطفولة، و في سنة 1923 أقر هذا الاتحاد ميثاقا من 5 نقط تبنته الأمم المتحدة سنة 1923 عرف باسم إعلان جنيف، و بذلك تم الاعتراف بحقوق الطفل دوليا لأول مرة ينة 1924 في الإعلان العالمي لحقوق الطفل، وتلته بعد ذلك عدة وثائق أخرى لحقوق الإنسان ، منها ما هو عالمي كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، و منها ما هو إقليمي كالإعلان الأمريكي للحقوق و الواجبات سنة 1948، إذ اعترفت هاتان الوثيقتان بحق الإنسان في عدم تعريضه للعنف و سوء المعاملة و الاستغلال وهي حقوق تشمل الطفل كذلك باعتباره إنسانا،ثم جاء الإعلان العالمي لحقوق الطفل سنة 1959،   و قد تم تطوير هاته الحقوق من خلال العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية سنة .1966
الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء و الأطفال، مرجع سابق، ص 17
 صادق عليها المغرب بتاريخ 14يونيو 1993[2]
 محمد كرادة، الحق في الأسرة: محاولة في التأسيس و الحماية،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون [3]
الخاص،جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية،ظهر المهراز،فاس، السنة الجامعية 2002-2003، ص 116
 حياة نصيف، مرجع سابق، ص 43[4]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق