مرجعية المغرب الدولية الخاصة بحقوق الطفل
لقد صادق المغرب على مجموعة من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الطفل،
و لعل من أهم هذه المواثيق اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة
للأمم المتحدة في 20 نونبر 1989[1]،
و الاتفاقية 182 الدولية بشأن السن الأدنى لقبول الأطفال في العمل، و كذا مجموعة
من البروتوكولات كالبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل المتعلقة
بإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة و كذا البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية
حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال و استغلال الأطفال و بغاء الأطفال و التصوير الخلاعي.
و أمام كثرة هذه المواثيق والعهود، سنحاول
التركيز على بعض ما جاء في اتفاقية حقوق الطفل[2]
باعتبارها أهم هذه الاتفاقيات على الإطلاق و نظرا لكونها جاءت زاخرة بعدد لا
يستهان به من المبادئ و الحقوق و إحاطتها بضمانات تلتزم بها الدول الأعضاء، و لعل
أهمها هو مراعاة المصلحة الفضلى للطفل في كافة التدابير و التشريعات التي تتخذها
الدول.
و قد أعطت هذه الاتفاقية تعريفا دوليا للطفل من
خلال مادتها الأولى فاعتبرته كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ الرشد
قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه.
و لعل من أهم الحقوق التي خولتها الاتفاقية
للطفل هي تلك المتعلقة بحماية حقه في الأسرة من خلال مجموعة من المواد، فعملت على
حماية وحدة الأسرة من خلال نصها في المادة 9 على عدم فصل الطفل عن والديه على كره
منهما إلا عندما تقرر السلطات المختصة ذلك،مع ضمان، في هذه الحالة، حق الطفل في
الاحتفاظ بعلاقات شخصية و اتصالات مباشرة بكلا والديه إلا إذا تعارض ذلك مع
مصالحه. و هكذا تنصرف بوادر حماية وحدة الأسرة إلى :
- عدم فصل الطفل
عن بيئته العائلية.
- حماية وحدة
الأسرة حتى في حالة الفصل الشرعي للطفل عن والديه، و ذلك بتقوية أواصر العلاقات
الشخصية، و الاتصالات المباشرة التي تربط الطفل بوالديه.[3]
كما عملت الاتفاقية من خلال مادتها العاشرة على
إلزام الدول الأطراف بجمع شمل الأسرة، و النظر بشكل إيجابي و سريع، في الطلبات
التي يقدمها الطفل أو والداه لدخول الدول المعنية أو مغادرتها، بقصد جمع شمل
الأسرة.
كما عملت الاتفاقية على محاولة حماية حق الطفل
في جو عائلي مناسب نظرا لضرورة و أهمية
هذا المناخ الأسري الذي يساعد الطفل على تكوين شخصيته تكوينا سليما، وهكذا فقد جاء
في ديباجة الاتفاقية:" و إذ تقر بأن الطفل، كي تترعرع شخصيته ترعرعا كاملا و
متناسقا، ينبغي أن ينشأ في بيئة عائلية في جو من السعادة و المحبة و
التفاهم"، كما حثت المادة 5 الدول الأطراف على احترام مسؤوليات و حقوق
وواجبات الوالدين، أو عند الاقتضاء، أعضاء الأسرة الموسعة...في أن يوفروا للطفل
التوجيه و الإرشاد الملائمين عند ممارسته لحقوقه. وغيرها من المواد التي تحاول
ضمان، و بأكبر قدر ممكن، مناخا عائليا مناسبا للطفل.
كما حرصت الاتفاقية على حماية الأطفال من سوء
المعاملة، سواء تعلق الأمر بالإساءة البدنية و الإهمال داخل الأسرة(المادة19)،
أوتعلق بالاستغلال و الانتهاك الجنسي للأطفال
( المادة34)، هذا بالإضافة إلى العديد من الحقوق الواردة بين ثنايا هذه
الاتفاقية، وكذا البروتوكول الإضافي الملحق بها.
و هكذا يتضح أن حقوق الطفل أضحت من المواضيع
التي تكتسي أهمية في السنوات الأخيرة و خاصة أمام الوعي المتنامي بخصوصية الطفل و
حاجته للرعاية و الحماية من جهة، و من جهة أخرى باعتباره من أهم المجالات التي
يمكن الاستثمار فيها من أجل تنمية و رفاهية البشرية، لذلك أصبح لزاما للنهوض بهذا
المجال، تقصي كل عوامل النقص و الضعف، و بالتالي حماية المصالح الفضلى للطفل،
و تكريسها كهدف للسياسة التشريعية[4]،و
هذا ما سعى إليه المشرع من خلال إقراره لهذه الحقوق في مدونة الأسرة و فروع أخرى من القانون الداخلي.
لكن، و على الرغم من أهمية هذه النصوص
الدولية، و التي تعتبر مرجعية كونية هامة لحقوق المرأة و الطفل، بل لحقوق الأسرة
برمتها، فإنه مع ذلك، و بسبب مساس بعض مقتضياتها بالخصوصية الوطنية، و بوجه أدق
المرجعية الدينية للقانون الوطني المتمثل بشكل أساسي في مدونة الأسرة، تظل بعض تلك المبادئ عرضة للرفض من الطرف
المغربي و تحت رحمة آلية التحفظات
إن حماية الطفل قد تبلورت دوليا و خرجت إلى
الوجود فعليا سنة 1919 حين شكلت عصبة الأمم آنذاك لجنة خاصة [1]
برفاهية الطفل، كما نشأت في أوربا عدة هيئات غير حكومية مهتمة
بالطفولة منها الاتحاد الدولي لإنقاد الطفولة، و في سنة 1923 أقر هذا الاتحاد
ميثاقا من 5 نقط تبنته الأمم المتحدة سنة 1923 عرف باسم إعلان جنيف، و بذلك تم
الاعتراف بحقوق الطفل دوليا لأول مرة ينة 1924 في الإعلان العالمي لحقوق الطفل،
وتلته بعد ذلك عدة وثائق أخرى لحقوق الإنسان ، منها ما هو عالمي كالإعلان العالمي
لحقوق الإنسان سنة 1948، و منها ما هو إقليمي كالإعلان الأمريكي للحقوق و الواجبات
سنة 1948، إذ اعترفت هاتان الوثيقتان بحق الإنسان في عدم تعريضه للعنف و سوء
المعاملة و الاستغلال وهي حقوق تشمل الطفل كذلك باعتباره إنسانا،ثم جاء الإعلان
العالمي لحقوق الطفل سنة 1959، و قد تم
تطوير هاته الحقوق من خلال العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية سنة
.1966
الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء و الأطفال،
مرجع سابق، ص 17
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق