الاثنين، 15 أبريل 2013


 صندوق التكافل العائلي                                   المغربي  
مع تقدير ما يعتبر «إنجازات» عرفتها سنة 2011، انطلاقا من أهم الأحداث المسجلة في موضوع المرأة والأسرة. إلا أنه وباستقراء الواقع نصطدم بمفارقات واختلالات لازالت تعيشها المرأة والأسرة المغربية، بشكل يدفع إلى التأكيد على أن هناك قضايا حقيقية موجودة في العمق الاجتماعي المغربي، تؤثر بشكل كبير على وضعية الأسرة المغربية. خاصة وأن هذه القضايا لم توجه لها نفس الجهود التي بذلت لقضايا أخرى على أهميتها.
         فالسياسة الحكومية ركزت جهودها على إخراج الأجندة الحكومية للمساواة، كما جعلت من قضية التمثيلية السياسية للمرأة والعنف ضد النساء محورا هاما في صلب انشغالاتها...في ظل تنامي مشاكل بنيوية عديدة (الفقر، الأمية النساء، الصحة، المشاركة المجتمعية، مكافحة الاستغلال الجنسي، مناهضة العنف...) تنتظر نضالا مجتمعيا وإرادة سياسية واضحة، وهي المشاكل التي لا يمكن الحديث في ظلها عن أي تطور نوعي وكمي لوضع المرأة وللمجتمع ككل...
أولا : نشأة ومضمون صندوق التكافل العائلي.
أهم ما ميز سنة 2011، هو إعطاء انطلاقة العمل بصندوق التكافل العائلي، بعد ثماني سنوات من التنصيص عليه ضمن مقتضيات مدونة الأسرة سنة 2003.وكان تطبيق مدونة الأسرة قد بدأ سنة 2004، دون أن ينال صندوق التكافل العائلي حظا مقدرا من الاهتمام في حينه. وتأخر إخراجه إلى حين تضمينه في مشروع قانون المالية لسنة 2010، قبل أن يعرض للتأجيل مرة أخرى إلى حين شهر يناير الماضي، بعد أن تم تضمينه في القانون المالي لسنة 2011. وبتاريخ (15 شتنبر2011)، صدر مرسوم تطبيق قانون صندوق التكافل العائلي بالجريدة الرسمية.
في الخطاب السامي لصاحب الجلالة بمناسبة التحضير لصدور مدونة الأسرة، حث العاهل الكريم على ضرورة الإسراع بإحداث صندوق التكافل العائلي، ومن المعلوم أن الخطاب الملكي السامي اتخذه البرلمان وهو يناقش مدونة الأسرة ديباجة لها (المدونة) ، والتي صدرت في سنة 2004[1].
         وانتظر الجميع صدور النص القانوني الذي سينظم هذا الصندوق، لأنه سيلعب دورا اجتماعيا مهما بالنسبة للمرأة المطلقة والتي لا تجد من ينفق عليها وعلى أولادها لسد رمقها، كما أن المهتمين بالدور الاجتماعي لهذا الصندوق كانوا يأملون أن تستفيد منه حتى المرأة التي هجرها زوجها، والمرأة التي تقاضي زوجها من أجل أداء النفقة وتستغرق هذه الدعوى الشهور والأعوام، ويستفيد من مستحقات الصندوق الأطفال المهملين. وانتظرنا من 5 فبراير 2004 إلى 30 ديسمبر 2010 ليصدر قانون المالية لسنة 2011، الذي تضمن ميلاد صندوق التكافل العائلي، كنبأ إحداث حساب رصد لأمور خصوصية يسمى «صندوق التكافل العائلي»[2]. ويكون وزير العدل هو الآمر بقبض موارده وصرف نفقاته.
ونعرض فيما يلي مداخلة وزير العدل محمد الطيب الناصري بشأن مشروع القانون رقم 41.10 كما وافق عليه مجلس النواب، و الرامي إلى المساهمة في إرساء آليات فعالة للتضامن العائلي والتماسك الاجتماعي ببلادنا:             
        يهدف هذا المشروع إلى تحديد الفئات المستفيدة من صندوق التكافل العائلي المحدث بموجب المادة 16 المكررة من قانون المالية لسنة 2010، وكذا الشروط والمساطر الواجب استيفاؤها للاستفادة من الصندوق.  
       وقد سبق لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بمناسبة افتتاح السنة القضائية بتاريخ 29 يناير 2003، أن أعطى توجيهاته السامية للحكومة: "قصد الدراسة المتأنية لإيجاد صندوق للتكافل العائلي، يعتمد في جزء من موارده على طوابع ذات قيمة رمزية، توضع على الوثائق المرتبطة بالحياة الشخصية والعائلية، وترصد نفقاته على أساس معايير مدققة ".
في هذا الإطار، تم إعداد هذا المشروع الذي يرتكز على المضامين الأساسية التالية:    
- إعطاء فعالية خاصة لتدبير عمليات الصندوق، وإسناد هذه العمليات لهيئة خاضعة للقانون العام، بموجب اتفاقية تبرم بين الدولة وهذه الهيئة.
- تحديد الفئات التي يمكنها الاستفادة من المخصصات المالية للصندوق، في الأم المعوزة المطلقة ومستحقي النفقة من الأطفال بعد انحلال ميثاق الزوجية، وذلك متى تأخر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة، أو تعذر لعسر المحكوم عليه أو غيابه أو عدم العثور عليه وبعد ثبوت حالة عوز الأم.
- تحديد إجراءات الاستفادة من خدمات الصندوق، حيث خول المشروع إمكانية تقديم الطلب لكل من : الأم المعوزة المطلقة، أو الحاضن، أو المستحق من الأبناء إذا كان راشدا.
        
- تعزيز الرقابة القضائية وذلك بتخويل اختصاصات هامة لرئيس المحكمة الابتدائية المصدرة للمقرر المحدد للنفقة، أو المحكمة المكلفة بالتنفيذ، سواء فيما يتعلق بالبت في طلبات الاستفادة من خدمات الصندوق، أو الأحقية في الاستمرار في الاستفادة منه.
  
- تسهيل صرف المخصصات المالية للمستفيدين من خلال تمكينهم من اختيار أي وكالة تابعة للهيئة المختصة وبأي وسيلة للتوصل بمستحقاتهم.
- توفير الضمانات القانونية الكفيلة باسترجاع المخصصات المالية المقدمة من طرف الصندوق في مواجهة المحكوم عليه بالنفقة، وذلك طبقا للمقتضيات المتعلقة بتحصيل الديون العمومية.
ولاشك أن النقطة الجوهرية التي سيتمحور حولها نقاشنا - مثل ما وقع على مستوى مجلس النواب- ستتعلق بالجهات المستفيدة من خدمات الصندوق، إذ تم التعبير عن الرغبة في توسيع قاعدة المستفيدين من هذه الخدمات، بإضافة مستفيدين آخرين إلى الفئات التي حددها المشروع وهي: الأم المعوزة المطلقة ومستحقي النفقة من الأطفال بعد انحلال ميثاق الزوجية.
وفي الواقع، فإن هاجس الجميع هو أن تشمل خدمات هذا الصندوق أكبر نسبة من الفئات المعنية، لكن هناك عدة اعتبارات يتعين أخذها في الحسبان، لاسيما ما يتعلق منها بجانب التمويل.
وهنا أريد أن أوضح أن السبب الذي حذا بالمشروع إلى حصر المستفيدين فيمن ذكر يرجع إلى :
من جهة أولى، إلى كون الأمر لا يتعلق بصندوق للنفقة يحل محل الملزمين بأدائها، بل هو صندوق للتكافل، كما أراده صاحب الجلالة نصره الله.
ومن جهة ثانية، الرغبة الأكيدة والحرص الشديد على التأسيس السليم لصندوق التكافل العائلي، وضمان انطلاقته القوية، وانتظام خدماته، وتلافي جعل الصندوق في وضعية تعوق استمراريته، أو جعل ما يقدمه من مبالغ لفائدة المستفيدين، مجرد مبالغ رمزية، نتيجة توسيع قاعدة المستفيدين.  
وانطلاقا من حرصنا على تلافي فشل الصندوق في القيام بمهامه، وتأسيسا على فكرة التكافل والتضامن التي يرتكز عليها الصندوق، تبنى المشروع في بداية هذه التجربة نهج التدرج، وذلك بحصر الفئات التي توجد في حاجة ملحة وماسة للمساعدة. إذ بذلك سنضمن للصندوق قاعدة صلبة، ستمكنه فيما بعد من استيعاب فئات أخرى يمكنها الاستفادة من خدماته.
ويتضمن هذا الحساب الجانب الدائن:                                                        
- 20%
من حصيلة الرسوم القضائية.                                                       
-
حصيلة استرجاع التسبيقات المدفوعة من طرف الصندوق.                             
-
استرجاع المبالغ المدفوعة من الحساب بدون حق مع احتمال زيادة الجزاءات.       
-
الموارد الممكن رصدها لفائدة الحساب بموجب تشريع أو تنظيم                        .
-
الهبات والوصايا.                                                                             
-
الموارد المختلفة.                                                                              
في الجانب المدين:                                                                             
-
المبالغ المدفوعة كتسبيق من أجل النفقة لفائدة الأم المعوزة المطلقة وأبنائها الواجبة لهم النفقة بعد حل ميثاق الزوجية وذلك وفق الشروط المحددة بالتشريع والتنظيم المتعلقين بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي.
                                                                                                      
      
ثم نشر في الصفحة 5567 وما بعدها الـظهير الشريف رقم 1.10.191 تاريخ 7 محرم 1432 موافق 13 ديسمبر 2010 بتنفيذ القانون رقم 41.10 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي، وهذا القانون يحتوي 14 المادة. وفي بداية التعليق على هذا القانون نود أولا أن نعبر عن ارتياحنا حيث خرج هذا الصندوق بعد ست سنوات من الانتظار للوجود، ومن شأنه أن يسعف المرأة المطلقة المعوزة وأولادها ومن يستحق النفقة من الأطفال المهملين، وإذا كانت هناك ثغرات، أو كون القانون لم يكن في المستوى الذي كنا نتطلع إليه، فلا شك أن التطبيق العملي سيدفع المشرع إلى تحسين أداء ذلك الصندوق وتوسيع دائرة المستفيدين منه، لأن حصرهم في إطار المرأة المعوزة المطلقة، قلص من الفائدة الاجتماعية المتوخاة والهدف المنشود من إحداث هذا الصندوق.
                                                                                                   
       وننتقل إلى الجانب المتعلق بتوجيه بعض الانتقادات والتي نطمح من ورائها فقط إلى ضمان حسن أداء الصندوق لمهمته الاجتماعية ، ووضع مهمة تسييره في يد أمينة، لا تتلاعب بمعاناة المرأة المعوزة وأولادها، ولا تساومها في معونة هي أقرب إلى الصدقة، لذلك فإن الهيئة الخاضعة للقانون العام والتي ستبرم معها الدولة اتفاقية ويعهد إليها بتدبير عمليات الصندوق يجب أن تكون تلك الهيئة في المستوى الواعي بهذه الأمانة وخطورة هذه الرسالة، فالطفل المهمل كالطفل اليتيم: «إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا .
                                                                                                   
    
وذكرت المادة 2 من هذا القانون الفئات المستفيدة من الصندوق، هي التي ستثير جدلا، لأن شروط الاستفادة من مستحقات الصندوق جاءت ضيقة جدا، وأقامت تمييزا غير مبرر بين المرأة المطلقة المعوزة، وبين المرأة المعوزة غير المطلقة ، لكن أمسك زوجها عن الإنفاق عليها، وطالت مسطرة التقاضي مساطر التبليغ والتنفيذ، فكيف ستتدبر أمرها ووضعية أطفالها؟                                                                                                               
بينت المادة 2 ظروف الاستفادة من مستحقات الصندوق وحصرته في:                 
ـ إذا تأخر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة.                                             
ـ إذا تعذر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة بسبب عسر المحكوم عليه.             
ـ إذا تعذر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة بسبب غياب المحكوم عليه أو عدم العثور عليه.

    
إثبات كون الأم معوزة ومطلقة، والعوز أو الاحتياج كما هو جاري به العمل في موضوع الحصول على المساعدة القضائية يكون بشهادات إدارية صادرة من السلطة المحلية وفي بعض الأحيان تعزز تلك الشهادة بأخرى من مصلحة الضرائب.  

ثانيا : المستفيدون من صندوق التكافل العائلي. 
من حسنات مشروع قانون المالية لسنة 2011 إنشاء صندوق دعم لصالح فئات من النساء المغربيات المطلقات المعوزات ذوات الأبناء ابتداء من فاتح يناير 2011. وتبلغ القيمة المالية المخصصة لهذا الصندوق 100 مليون درهم. وينتظر أن تتم المصادقة خلال هذه الدورة على هذا المشروع ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2011، حيث تنص المادة 19 منه على إحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يسمى صندوق التكافل العائلي" يكون وزير العدل هو الآمر بقبض موارده وصرف نفقاته.  هذا ويعود الجدل بخصوص إصدار هذا الصندوق، الذي يعد مكسبا هاما للنساء المطلقات بعد سنين من تطبيق مدونة الأسرة، إلى قانون المالية الحالي 2010 الذي تضمن تعديلا سبق أن تقدم به فريق العدالة والتنمية وتمت الموافقة عليه بمجلس النواب قبل أن يرجئ مجلس المستشارين تحقيقه إلى مستهل السنة القادمة.
        وحسب مصادر مطلعة فصندوق الإيداع والتدبير وبريد المغرب سيتوليان صرف التعويضات للمستفيدين من هذا الصندوق. ومما يشار إليه في هذا الصدد ما تعيشه الآلاف من النساء المطلقات بخصوص قضايا النفقة وصعوبة تنفيذ الأحكام المتعلقة بها، مما يترتب عنه أضرار اجتماعية ونفسية.
أما بالنسبة لمواد المشروع،(موقع صفحات مغربية ينشر نصه الكامل مرفقا بمذكرة تقديمه)، فيتضمن 14 مادة مستهلا بالحكام العامة في مادة واحدة (المادة1) وثلاث أبواب، الأول: الفئات المستفيدة[3]، الثاني: إجراءات الاستفادة من الصندوق[4]، والثالث: رجوع الهيئة المختصة على الملزم بالنفقة[5] .   
تتشكل موارد هذا الصندوق من رسوم التسجيل والتنمبر المفروضة عند تسليم عقود الزواج والطلاق طبقا للمادة 252 من مدونة الضرائب، ونسبة من مداخيل الخزينة عن بعض الغرامات والعمليات المالية إضافة إلى الهبات والوصايا. ومما تجدر الإشارة إليه أن تطبيق هذا المشروع معلق بصدور نص تنظيمي يبين مختلف الوثائق المطلوبة للاستفادة من خدمات الصندوق.
 إن صندوق التكافل العائلي مفتوح في وجه ذوي الحاجات بالدرجة الأولى الأمهات المطلقات المعوزات، ومستحقي النفقة من الأطفال بعد الطلاق. وكانت الحكومة المغربية تعرضت قبل ذلك، لانتقادات عديدة لتعثرها في إخراج صندوق التكافل العائلي إلى حيز الوجود، وكذا انتقادات على الطريقة التي تمت بها المصادقة على تعديل يرمي إلى إحداث الصندوق، نظرا لأن الموارد التي رصدت له تمثل نسبة غير محددة من الرسوم القضائية.
فبالرجوع إلى قانون رقم 41.10، المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي، نجده يوضح بأن بعض الأمهات ولاسيما المطلقات وضعيات صعبة بسبب ما يطالهن وكذا أطفالهن من إهمال أو تعسف، نتيجة إحجام المحكوم عليه عن مواصلة تحمل التزاماته بالإنفاق على أبنائه، مما يؤدي بالكثير منهم إلى التشرد والانحراف.
وفي سبيل توفير  سبل الحماية لهذه الفئات، فقد سبق لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وبمناسبة افتتاح السنة القضائية بتاريخ 29 يناير 2003، أن أعطى توجيهاته السامية للحكومة قصد الدراسة المتأنية لإيجاد "صندوق التكافل العائلي" يعتمد في جزء من موارده على طوابع ذات قيمة رمزية، توضع على الوثائق المرتبطة بالحياة الشخصية والعائلية، وترصد نفقاته على أساس معايير مدققة.     
ولإحداث هذا الصندوق، فقد نصت المادة 16 مكرر من قانون المالية لسنة 2010، في فقرتيها الأولى والثانية على أنه "يحدث ابتداء من فاتح يناير 2011 حساب خصوصي للخزينة يسمى "صندوق التكافل العائلي"، وأنه "يتعين قبل التاريخ المذكور أعلاه، صدور تشريع يحدد على الخصوص الفئات المعنية بعمليات الصندوق وكذا الشروط والمساطر الواجب استيفاؤها من موارد الصندوق ".     
وتفعيلا لمقتضيات الفقرتين المذكورتين، تم إعداد مشروع هذا القانون المكون من أربعة عشر مادة، والذي يتضمن، بالإضافة إلى الأحكام العامة، ثلاثة أبواب.
وقد حرص المشروع على إعطاء فعالية خاصة لتدبير عمليات الصندوق، فنص في المادة الأولى منه على إسناد هذه العمليات لهيئة خاضعة للقانون العام، بموجب اتفاقية تبرم بين الدولة وهذه الهيئة.      
وقد حصر الباب الأول من المشروع، الفئات التي يمكنها الاستفادة من خدمات هذا الصندوق في حالة عدم التوفر على مال ينفق منه عليهم، وتعذر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة نظرا لعسر المحكوم عليه أو غيبته.
وتنقسم هذه الفئات إلى قسمين:
-    الأمهات المعوزات المطلقات.
-    مستحقو النفقة من الأطفال بعد انحلال ميثاق الزوجية، وثبوت عوز الأم.
كما ركز المشروع على أن نطاق تدخل الصندوق لا يشمل النفقة المستحقة عن المدة السابقة على تقديم الطلب للصندوق، وذلك حفاظا على الهدف الأساسي من إحداث الصندوق ألا وهو إسعاف المعوز.     
أما الباب الثاني من المشروع فقد خصص لتحديد إجراءات الاستفادة من خدمات الصندوق، حيث خول الأحقية في تقديم الطلب لكل من الأم المعوزة المطلقة أو الحاضن أو المستحق من الأبناء إذا كان راشدا، مع ضرورة الإدلاء بالوثائق التي ستحدد بنص تنظيمي.
كما ميز المشروع بين وضعيتين للاستفادة من الصندوق وهما:
-    وضعية تعذر التنفيذ نظرا لعسر المحكوم عليه أو غيبته.
-    وضعية التأخير في التنفيذ، في حالة انصرام أجل شهرين على تقديم طلب تنفيذ المقرر القضائي في مواجهة المحكوم عليه وذلك حماية للأم والأطفال من الضياع الناتج عن طول بعض إجراءات التنفيذ التي قد تستغرق زمنا غير يسير.
   وتعزيزا للرقابة القضائية على الاستفادة من خدمات الصندوق، فقد خول المشروع اختصاصات هامة لرئيس المحكمة الابتدائية المصدرة للمقرر المحدد للنفقة أو للمحكمة المكلفة بالتنفيذ، سواء فيما يخص البت في طلبات الاستفادة من خدمات الصندوق أو الأحقية في الاستمرار في الاستفادة.       
ويبت رئيس المحكمة الابتدائية المختصة في طلب الاستفادة من خدمات الصندوق داخل أجل أقصاه ثمانية أيام من تاريخ تقديم الطلب، بمقتضى مقرر نهائي غير قابل لأي طعن، وينفذ على الأصل ولا يحتاج إلى تبليغ.
 ويتم البت في الطلبات في حدود سقف مالي يقرر بنص تنظيمي حسب الفرد الواحد وحسب العائلة الواحدة.
 وقد حرص المشروع عل ضمان عدم إساءة استعمال المساطر القضائية للحرمان من الاستفادة من خدمات الصندوق، بما في ذلك إلزام من تسلم من الصندوق مبالغ يعلم أنها غير مستحقة بإرجاعها مع غرامة مالية تحدد في ضعف مبلغ التسبيق، بغض النظر عن المتابعات الجنائية عند الاقتضاء. أما الباب الثالث فيتعلق بمساطر الرجوع على الملزم بالنفقة، وذلك بتوفير الضمانات القانونية الكفيلة باسترجاع التسبيقات المقدمة من طرف الصندوق في مواجهة المحكومة عليه بالنفقة. وقد أحال المشروع على القوانين الجاري بها العمل لتحصيل الديون العمومية، فيما يخص استرجاع التسبيقات نظرا لما تنطوي عليه هذه القوانين من مساطر تنفيذية فعالة.
هذه هي الأهداف والخطوط الكبرى لهذا المشروع، الرامي إلى المساهمة في إرساء آليات فعالة للتضامن العائلي والتماسك الاجتماعي.
حصر القانون المحدث لصندوق التكافل العائلي، الفئات المستفيدة من الصندوق حسب المادة الثانية منه، إذ أنه يستفيد من المخصصات المالية للصندوق إذا تأخر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة أو تعذر لعسر المحكوم عليه أو عدم العثور عليه وبعد ثبوت حالة عوز الأم....
 حدد سقف الاستفادة من صندوق التكافل العائلي، في 350 درهما لكل مستفيد على أن لا يتعدى مجموع المخصصات المالية لأفراد الأسرة الواحدة 1050 درهما، ويمكن للعائلة الاستفادة من خدمات الصندوق من خلال تقديم طلب الاستفادة إلى رئيس المحكمة الابتدائية المختص مرفوق بمجموعة من الوثائق في حالة الأم المطلقة، تتضمن نسخة من المقرر القضائي المحدد للنفقة، والمحضر المحرر من طرف المكلف بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كليا أو جزئيا، وعقود ولادة الأطفال لإثبات الأمومة، وشهادة إثبات العوز، الذي يتم اثباته ببطاقة المساعدة الطبية، والتي يتم تعويضها إلى حين تعميم النظام بشهادة عوز مسلمة من طرف الوالي أو العامل أو من ينوب عنه، وشهادة عدم الخضوع إلى الضريبة تسلمها مصلحة الضرائب، ونسخة من رسم الطلاق أو التطليق، وشهادة الحياة. وبالنسبة إلى مستحقي النفقة من الأطفال بعد انحلال ميثاق الزوجية، يتطلب الأمر نسخة من المقرر القضائي المحدد للنفقة، والمحضر المحرر من طرف المكلف بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كليا أو جزئيا، وعقود ولادة الأطفال المحكوم لهم بالنفقة وشهادة الحياة الخاصة بهم، وشهادة وفاة الأم أو ما يفيد عوزها.
    وحدد القانون المحدث لصندوق التكافل العائلي الفئات المستفيدة من الصندوق حسب المادة الثانية منه، أنه يستفيد من المخصصات المالية للصندوق إذا تأخر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة أو تعذر لعسر المحكوم عليه أو عدم العثور عليه وبعد ثبوت حالة عوز الأم، ولا تشمل نطاق تدخل الصندوق مبالغ النفقة المستحقة عن المدة السابقة عن تقديم الطلب إلى رئيس المحكمة.
وأكدت المادة الرابعة منه أنه يمكن تقديم طلب الاستفادة من الصندوق من طرف الأم المعوزة المطلقة أو الحاضن أو المستحق من الأبناء إذا كان راشدا. وشهدت المادة 9 من القانون نفسه إضافة بشأن إمكانية صرف المبلغ المالي المخصص «يؤدى المخصص المالي بأي وكالة تابعة للهيأة المختصة ....»، وأعطت المادة 12 من القانون ذاته إمكانية استمرار الاستفادة من الصندوق بعد مضي سنتين ابتداء من تاريخ صدور مقرر الاستفادة.
 ويلتزم صندوق الإيداع والتدبير بضمان التدبير الإداري والمالي والمحاسباتي لعمليات صندوق التكافل العائلي، إذ يعهد له بأداء التسبيقات المتعلقة بنفقة الأم المعوزة المطلقة وأطفالها. وتنص الاتفاقية على عدة مقتضيات من أهمها إحداث لجنة لتتبع تدبير عمليات الصندوق.

     وكشف وزير العدل، محمد الطيب الناصري، أن المصادقة على المشروع، الذي تم التنصيص عليه في مدونة الأسرة، بعد ثماني سنوات من تطبيقها، تمت في سنة 2010، وأصرت الوزارة على تفعيل المشروع وإخراجه إلى حيز الوجود قبل متم السنة الجارية، مع السهر على حسن تطبيق مقتضياته. وتصل ميزانية الصندوق، إلى 160 مليون درهم، ومن المرتقب أن ترتفع في الشهور والسنوات المقبلة. وسيتم تمويل الصندوق، بشكل أساسي، من عائدات الرسوم القضائية.
نعتقد أن تطبيق هذا القانون سيبقى متوقفا على صدور النصوص التنظيمية المشار إليها في المادة 1(الفقرة الأخيرة) والمادة 6 والمادة 8 وهي:
ـ نص تنظيمي يبين شروط الاتفاق المبرم بين الدولة والجهة التي سيعهد إليها بتدبير عمليات الصندوق.
ـ نص تنظيمي يوضح الوثائق التي سترفق مع طلب الاستفادة من الصندوق.
ـ نص تنظيمي يحدد السقف المالي الذي يجب صرفه في حدود المبلغ المحكوم به.
ونرجو أن يقع التعجيل بصدور هذه النصوص التنظيمية.      
         ومنع المشرع الاختصاص للنظر في طلب صرف المستحقات من الصندوق لرئيس المحكمة الابتدائية المصدرة للمقرر القضائي أو المكلفة بالتنفيذ أو ينوب عنه، ويبت في الطلب داخل أجل أقصاه ثمانية أيام من تاريخ تقديم الطلب بمقتضى مقرر، وإذا حالت صعوبة دون تنفيذ ذلك المقرر فعلى من يهمه الأمر الرجوع لرئيس المحكمة مصدر المقرر ليفصل في موضوع الصعوبة، ويفهم من يهمه الأمر الرجوع لرئيس المحكمة الابتدائية يبت في الطلب في إطار مسطرة تشبه مسطرة الأوامر القضائية أو الأوامر الولائية، ويعتبر هذا المقرر نهائيا ولا يقبل أي طعن وينفذ على الأصل ولا يحتاج إلى تبليغ، وهذه المسطرة التي تتسم بالسرعة.   
ـ من حسنات هذا القانون ـ لأن الوضعية لا تحتمل التأخير أو التلكؤ.
 وإذا كانت دعوى النفقة معفاة من أداء الرسوم القضائية فمن باب التبعية أن الطلب المقدم لرئيس المحكمة الابتدائية قصد الاستفادة من الصندوق سيكون هو الآخر معفى من أداء الرسوم القضائية.
وعسى أن يفتح باب مناقشة هذا القانون وأن يتجاوب المشرع مع الاقتراحات لتحسين أداء وظيفة هذا الصندوق وتستفيد من مستحقاته من هم أجدر بالرعاية والمساعدة.


[1]  منشورات الجريدة الرسمية ، عدد 5184 بتاريخ 5 فبراير 2004 .
[2]  منشورات الجريدة الرسمية : "الحسابات الخصوصية للخزينة " ص 5511 ،عدد 5904 ، لسنة 2010 .
[3]  انظر المادة (2) من قانون 10-41 صندوق التكافل العائلي .
[4] انظر المواد (من 3 إلى 13) منقانون10-41 صندوق التكافل العائلي .
[5]  انظر المادة (14) من قانون رقم 41.10 المتعلق بصندوق التكافل العائلي  الصادر في 2011. 

هناك تعليق واحد: