الاثنين، 15 أبريل 2013


بعض مظاهر الحماية القانونية للأسرة من خلال قانون الشغل.
      إن اختلاف المرأة عن الرجل من النـاحية البيولوجية، وتحملها أعبـاء الأسرة إلى جانب أعباء العمل، يتطلب إحاطتها بحماية قـانونية لكن رغم ما اتخذ في شأن المرأة العاملة من تدابير حمائية  وحقوق متميزة لكفالة نوع من التوازن بين التزاماتهـا العملية خارج البيت ومسؤوليـاتها داخله، فإنهـا ما زالت تعاني من نقص حمائي غير مبرر.
     إيمانا من المشرع المغربي  بدور المرأة في الدفع بعجلة التنمية، اعترف لها على غرار التشريعات الدولية بالحق في العمل والأجر العادل عند تساوي قيمة العمل, وحيث أن المرأة العاملة توجد في وضع مغاير لوضع الرجل، فإنه يجب أن تحظى بوضعية قانونية خاصة حتى تستطيع التوفيق بين حياتها الخاصة والأسرية والتزاماتها المهنية، لهذا فالمشرع عندما أسبغ حمايته على المرأة العاملة قد أخذ بعين الاعتبار وضعها كامرأة، ثم ضاعف لها هذه الحماية عندما نظر إليها كأم.
    لذلك عمل المشرع المغربي على تجاوز كل النصوص الموروثة عن عهد الحماية والتي كانت تضع عوائق أمام عمل المرأة([1]). وتتعارض ليس فقط مع الشرعة الدولية بل ومع الدين الإسلامي الذي لا يمنع المرأة من العمل بل يعطيها كل حقوقها، لذلك نص المشرع المغربي في كل دساتيره على ضمان حق الشغل لجميع المواطنين بدون تمييز بينهم بسبب الجنس، نفس الشيء تم تأكيده أيضا في مدونة الشغل الجديدة، من خلال المادة التاسعة التي تمنع كل تمييز بين الأجراء من حيث السلالة أو اللون أو الجنس أو الحالة الزوجية، والذي يكون من شأنه الإخلال بمبدأ تكافئ الفرص في مجال التشغيل.
     إذن فالقانون المغربي يضمن للمرأة حقها الكامل في العمل وفق مؤهلاتها وكفاءتها، فلها تقلد مختلف المناصب، واقتحام مختلف الميادين، لإثبات ذاتها بجانب الرجل، والمساهمة معه في دفع عجلة التنمية، لكن هل تستفيد من أجر مماثلا لأجل الرجل . ؟.
   إن إعطاء الحق للمرأة في العمل إلى جانب الرجل، يستوجب إعطائها نفس الحق في الحصول على أجر عادل يساوي أجر الرجل عندما تتساوى ظروف وقيمة العمل. وبالفعل فالأجر المتكافئ للعمال رجالا ونساء عن العمل المماثل دون تمييز على أساس الجنس يعد من المبادئ الرئيسية لهيئة العمل الدولية. وقد تقرر لأول مرة في المادة 427 من معاهدة فرسـاي التي أصبحت فيما بعد المادة 41 من دستـور الهيئة([2]). كما تم تأكيده في الاتفاقية رقم 100 الخاصة بالمساواة الأجرية بين العمال والعاملات عند تساوي قيمة العمل.
و في هذا الإطار لا يمك أن نغفل على أهم المقتضيات الحمائية التي خصصتها مدونة الشغل الجديدة للأحداث ,ويمكن إيجاز أهمها فيما يلي:
- خلافا للمقتضيات السابقة التي كانت تحدد السن في 12 سنة، تم التنصيص على أنه "لا يمكن تشغيل الأحداث، ولا قبولهم في المقاولات، أو لدى المشغلين، قبل بلوغ سن خمس عشرة سنة كاملة".(المادة143).
- بالنسبة للأحداث الذين تقل سنهم عن 18 سنة، يمكن للعون المكلف بتفتيش الشغل، أن يطلب في أي وقت، عرضهم على فحص طبي قصد التحقق من أن الشغل الذي يعهد به إليهم لا يفوق طاقتهم، وإذا كان الأمر كذلك، يحق له بأن يأمر بإعفاء الأحداث من الشغل دون إخطار(المادة 144).
- وفي جميع الأحوال، يمنع تشغيل الأحداث دون الثامنة عشر في المقالع، وفي الأشغال الجوفية التي تؤدى في أغوار المناجم، وفي أشغال قد تعيق نموهم، أو تساهم في تفاقم إعاقتهم إذا كانوا معاقين، أو تشكل مخاطر بالغة عليهم، أو تفوق طاقتهم، أو قد يترتب عنها ما يخل بالآداب العامة، وتحدد لائحة هذه الأشغال بنص تنظيمي (المواد 179 إلى 181 ).
ويمنع تشغيل الحدث دون 18 سنة، ممثلا، أو مشخصا في العروض العمومية المقدمة من قبل المقاولات التي تحدد لائحتها بنص تنظيمي، دون إذن مكتوب يسلمه مسبقا العون المكلف بتفتيش الشغل (المادة 145 )، كما يمنع مبدئيا تشغيل الأحداث دون 16 سنة في الأشغال الليلية.
 - يستفيد الأجراء الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و18 سنة بحماية خاصة تهم تمديد فترة الراحة، ومدة العطلة السنوية المؤدى عنها، وتحديد الأثقال التي يمكن لهم حملها أو جرها، ودور طبيب الشغل، وصلاحيات مفتش الشغل.
ومع تسجيل أهمية هذه المقتضيات الحمائية، يبقى من الضرورة الإشارة إلى أن الدساتير المغربية الأولى  و القوانين الداخلية تحيل على آليات مؤسساتية  لها نفس الدور المتمثل في حماية الأسرة ككيان أساسي في المجتمع.


[1] - انظر بهذا الشأن، نجاة الكص، مواقف وآراء حول الوضع القانوني للمرأة المغربية، طبعة يونيو 2002، ص 17-19.
[2] -  نفس الشيء نجده في العهد الدولي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث نص على قاعدة تساوي الأجر إذا تساوت قيمة العمل في المادة السابعة منه.  كما تم التأكيد عليه أيضا في مادة 11 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق