الاثنين، 15 أبريل 2013

$دور المجتمع المدني في النهوض بأوضاع الأسرة المغربية


 مساهمة المجتمع المدني في النهوض بأوضاع الأسرة المغربية 
    إذا كان الدستور المغربي الجديد، و كما سبق القول، قد خول منظمات و هيئات المجتمع المدني صلاحيات واسعة في مجال التشريع و إعداد السياسات العمومية بشراكة مع أجهزة الدولة، فإن هذا لا يعني غياب أي دور فاعل للمجتمع المدني في الماضي، بل على العكس تماما، كثيرا ما كان للنضالات التي خاضتها مجموعة من الجمعيات الدور الحاسم في تعديل العديد من القوانين. و بديهي أن يكون مجال الاسرة من بين المجالات المهمة التي أدلت فيها جمعيات المجتمع المدني، و لاسيما الجمعيات النسائية، بدلوها مطالبة بإنصاف النساء ورفع الظلم عنهن، و حماية حقوق الطفل وغيرها من المطالب المرتبطة بحقوق الأسرة، و كل ذلك في إطار تشاركي مع مؤسسات الدولة المعنية بقضايا حقوق الانسان، ومن أهم المحطات البارزة التي عرفت مشاركة فعالة للجمعيات النسائية نجد[1] :
-الإعداد لمشروع "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية" الذي عرف مشاركة           و استشارة مجموعة من الجمعيات النسائية، مما جعلها معبرة عن مختلف المطالب النسائية.
-عملية إعداد التقارير الدولية الخاصة بإعمال اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، و أهداف الألفية للتنمية، حيث تعرف هذه العملية مشاركة الجمعيات النسائية خاصة، و جمعيات المجتمع المدني عامة.
-الاستراتيجيات التي تم إعدادها من طرف الحكومة تمت بشكل تشاوري مع الجمعيات النسائية، وخاصة الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، و الاستراتيجية الوطنية من أجل الإنصاف و المساواة بإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات        و برامج التنمية.
   وغير خاف الدور الكبير الذي لعبته الجمعيات النسائية في سيرورة تعديل مدونة الأحوال الشخصية و ميلاد مدونة الأسرة، حيث شكلت مدونة الأحوال الشخصية مركز اهتمام الحركة النسائية، إذ اعتبرتها تحديا يقتضي جعلها قضية المجتمع بكل مكوناته، و بالفعل استطاعت الحركة أن تتحول إلى قوة ضاغطة واسعة منخرطة في سيرورة النضال لتتوج مسيرتها النضالية حول قضية مدونة الأحوال الشخصية بالتغيير الذي يرضي طموحاتها   و يحقق العديد من مطالبها، و إن كانت المرأة لا تزال تطمح إلى العديد من المطالب الاخرى التي تجد سندها في الاتفاقيات الدولية المرتبطة بحقوق المرأة[2]، كما كان لها دور فاعل في بعض التعديلات الأخرى كتعديل قانون الجنسية و قانون الشغل و غيرها.
  و من المسلم به أن المجتمع المدني ينبغي أن يصبح أكثر فاعلية في مجال حقوق الأسرة، و أن يستغل الامتيازات التي منحها إياه الدستور الجديد، خاصة أمام التحولات التي عرفها و لا يزال يعرفها واقع الأسرة المغربية و الهجمات الأخلاقية التي يتعرض لها، و أمام عدم كفاية الحماية الدستورية لهذه المؤسسة.
   و مادام الفصل 32 من الدستور قد حمل الدولة مسؤولية ضمان الحماية الحقوقية         و الاجتماعية و الاقتصادية للأسرة بشكل يضمن الحفاظ على وحدتها و استقرارها، وذلك بمقتضى القانون، بالإضافة الى توفير الحماية القانونية و الاعتبار الاجتماعي و المعنوي لجميع الاطفال مهما كانت وضعيتهم العائلية، ومادام الدستور قد جعل من منظمات المجتمع المدني شريكا فاعلا للدولة و مؤسساتها، تضطلع بمهام تسيير الشأن العام و اقتراح ملتمسات متعلقة بالتشريع، فانها تصبح معنية، وقبل أي وقت مضى، بالانخراط الجدي     و الفعال في استكمال مسيرة الإصلاح القانوني بما يساهم بالنهوض بأوضاع الاسرة المغربية و حمايتها، خاصة و أن هذه المنظمات هي الأكثر اطلاعا على المشاكل التي تعاني منها الأسر، من قبيل العنف الزوجي و العنف ضد الأطفال، و التحايلات التي تقع من طرف بعض الأزواج على بعض المساطر القانونية لتحقيق مآرب لا يمكنهم بلوغها بطرق قانونية، وإشكال زواج القاصرات و التحرش الجنسي و زنا المحارم و غيرها من الاشكالات التي تمس كيان الاسرة بشكل مباشر أو غير مباشر.
  وهكذا يمكن أن تضطلع هيئات المجتمع المدني باقتراح مشاريع قوانين جديدة تروم تدعيم حقوق الأسرة أو إصلاح قوانين موجودة سلفا، غير أن ذلك ينبغي أن يتم في إطار ما حدده الدستور، فهذا الاخير كان صريحا في تحديد مفهوم الأسرة بكونها تلك القائمة على علاقة الزواج الشرعي، و اذا كان قد نص على حماية الأطفال مهما كانت وضعيتهم العائلية، فذلك لا يجب أن يفهم على أنه إقرار بالأنماط الأخرى للأسر التي أدت إلى إيجاد هؤلاء الأطفال.
    غير أن الملاحظ أن مطالب العديد من هذه المنظمات تسير عكس الخط الذي رسمه الدستور الجديد، بل و عكس مقومات هويتنا الراسخة و مرجعيتنا الدينية، بدليل تعالي الأصوات المنادية بمجموعة من المطالب المستهجنة كإباحة الاجهاض و عدم تحريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج و المساواة في الارث بين الذكر و الانثى و غيرها من المطالب التي لو تم الاستجابة اليها لكانت وبالا على حاضر و مستقبل الأسرة المغربية. و بالتالي يطرح التساؤل حول مدى قدرة و عزم مثل هذه الجمعيات على توفير الحماية المنشودة للأسرة و الحفاظ على مقوماتها.
  ولعل ذلك يرجع الى منطلقاتها الفكرية و خياراتها الايديوليجية في معالجة المواضيع المرتبطة بالأسرة و التي تستند في الغالب الى فكرالحداثة و ما أرسته المواثيق الحقوقية الدولية من مبادئ تبتعد عن كل ما هو ديني و مقدس. غير أن هذا لا يمنع من وجود منظمات أخرى تنهج منهجا توفيقيا تعالج الإشكالات الأسرية من منظور حداثي دون التنكر للنصوص الدينية المؤطرة لها. وهذا الاختلاف في المرجعيات  هو ما يبرر تعدد هذه المنظمات و تبعثر جهودها في صراعات و تحالفات غالبا ما تعرقل مسيرتها في تحقيق أهدافها[3].
  و حتى يكون لمنظمات المجتمع المدني ذلك الدور الريادي في تحسين وضعية الأسرة المغربية، ينبغي أن تعمل على تذويب الفوارق في الإديولوجيات و التركيز على المشاكل الحقيقية و الأكثر إلحاحا التي تنخر جسد الأسرة المغربية، و التفكير في إيجاد حلول قانونية لتلك المشاكل، و إظهار البعد الوطني للمطالب المطروحة و التقليل من إحالتها على الهيئات الدولية الذي يبدو أنه قد أصبح خطابا مستهلكا و غير مجد خاصة لدى المواطنين بفعل الصراعات الدولية و فقدان الثقة في تلك الهيئات، بالإضافة إلى العمل على تقوية الاتحادات بين منظمات المجتمع المدني.
  هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يمكن أن يكزن لمنظمات المجتمع المدني دور لا يستهان به في إخراج القانون التنظيمي للمجلس الاستشاري للأسرة و الطفولة إلى حيز الوجود، وذلك عن طريق عقد الندوات و اللقاءات لتدارس تشكيلته و أهدافه و استراتيجية عمله[4]،   و قد أفادت الأستاذة رجاء ناجي مكاوي خلال ندوة نظمت في إطار اليوم الختامي لفعاليات الدورة 18 للمعرض الدولي للنشر و الكتاب في موضوع " موقع الأسرة في الدستور الجديد، المؤسسات القانونية، أية آليات و أية معايير" :" أن المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة سيكون مجمعا لكل القوى الحية في المجتمع التي يتعين أن تساهم في تحديد معالمه و تفرض حضورها على مستوى تركيبته[5]"، كما يجب أن تكون مساهمة المجتمع المدني فعالة في إطار عمل هذا المجلس الذي ينتظر منه الرقي بأوضاع الأسرة والطفولة.



 يمكن القول أن هذه المطالب تنقسم إلى شقين:[2]
-الشق الأول و يتعلق بحقوق المرأة أثناء قيام الحياة الزوجية و يمكن تلخيصها في:
1 المساواة بين الرجل و المرأة.
2 حذف قوامة الرجل على المرأة.
3 حذف التمييز بين الذكر و الأنثى في الإرث.
4 إعادة النظر في توثيق الزواج.
5 حذف الولي كشرط صحة في عقد الزواج.
6 رفع سن الأهلية للزواج.
7 منع تعدد الزوجات.
-الشق الثاني يتعلق بالطلاق و نتائجه و يمكن تلخيصه في:
1جعل الطلاق بيد الرجل و المرأة و القاضي، و إعادة النظر في مسطرة التطليق.
2 حق المطلقة في التعويض عن الضرر، و حقها في السكن.
3 مراجعة مسطرة تحديد نفقة الاولاد بعد الطلاق.
4 مراجعة قواعد و شروط الحضانة، و منح المرأة الحاضنة حق الاحتفاظ ببيت الزوجية.
5 إصدار تشريع يعترف للمرأة العاملة بحق الحصول عند الطلاق  على  رصيدها من المال المتحصل أثناء قيام الزوجية.

  الإلكتروني  عبد العزيز جسوس، دور منظمات المجتمع المدني في نهوض المرأة في البلدان العربية، عن الموقع [3]
www.arab-hdr.org
 من بين تلك الندوات الندوة الدولية حول المجالس الوطنية للأسرة و الطفولة و التي نظمها المجلس الوطني لحقوق [4]
الإنسان يومي 27و28 يناير 2012 و شاركت فيه العديد من الجمعيات بينما قاطعته أخرى.
 عزيزة الزعلي، جمعية الحضن تتدارس أهداف و تركيبة المجلس الاستشاري للأسرة و الطفولة، الموقع الإلكتروني[5]
www.alislah.ma

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق